أخبار فنية

عقب عرضه في مهرجان بيروت.. فيلم أعجوبة الحياة يجسد صمت الحمل والحيرة!!

فيلم أعجوبة الحياة: في صمت الحمل

بشكل توثيقي عن تجربتها الشخصية مع الحمل، تطرح المخرجة الفلسطينية صابرين خوري عدة تساؤلات حول حقها في التعبير عن آلامها الجسدية والنفسية خلال هذه الفترة. في فيلمها القصير الأحدث “أعجوبة الحياة”، الذي يثير في الأذهان فكرة أعجوبة الحمل والولادة، إلا أن وراءه يكمن الكثير من  عدم اليقين، الخوف  وأسئلة وجودية.

في فيلمها الوثائقي القصير التجريبي “أعجوبة الحياة”، الذي يُعرض لأول مرة عالميًا في مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة، تقدم صابرين خوري رحلة شخصية وصادقة خلال فترة حملها. من خلال تأملات حميمية، تواجه الألم، عدم اليقين، والخوف من التغيرات الجسدية، وتستعرض أزمة الهوية بينما تتحدى الأعراف المجتمعية حول الحمل والأمومة. على خلفية حرب الإبادة في غزة، تُضاف تساؤلاتها العميقة التي تزيد من تأثير تجربتها، حيث تتساءل عن حقها في التعبير عن آلامها بينما تشعر بالذنب لذلك، متسائلة: “هل لي الحق في أن أتذمر من ألمي بينما يعاني أهلنا هناك من أهوال لا تُحتمل؟”. تقول خوري: “كنتُ حاملًا لأول مرة، أعيش في مكان آمن، وأحضّر لاستقبال حياة جديدة، وفي الوقت نفسه، كنت أرى صور وفيديوهات حرب الإبادة في غزة. هذا التناقض كان ثقيلاً عليّ لاحتوائه”.

تعتمد خوري في الفيلم على أسلوب توثيقي حميمي، تسرد من خلاله مشاعرها وأفكارها بصوتها الشخصي، مع كاميرا قريبة منها، دون محاولة تزيين أو تكييف لتناسب صورة نمطية معينة. بل تنقل مشاعر التوتر والتعب بكل صدق، دون حواجز. تغوص صابرين في التحولات الجسدية والنفسية؛ تضخم البطن والثديين، علامات التمدد وزيادة الوزن، تقلبات المزاج والانهيارات العاطفية، الخوف المستمر من الحاضر والمستقبل، وأزمة الهوية بين امرأة وأم. تمر صابرين على كل عرض وشعور من هذه التحولات، وتمنحه الوقت الخاص في السرد، بجرأة نادرة لا نعتاد رؤيتها كثيرًا. لا تعرض المخرجة هذه التفاصيل بشكل ميلودرامي، بل بطريقة صادقة نابعة من تجربتها الشخصية المفعمة بالمشاعر المتضاربة، في مواجهة حقيقية مع ذاتها.

في خضم هذه الرحلة الذاتية، لا تستطيع خوري أن تنفصل عن واقعها الأوسع، واقع أهلها الفلسطينيين في غزة، تحت القصف، القتل والدمار. فتقول معترفة بامتيازها الشخصي: “كنت أبكي كثيرًا، لكنني كنت أشعر بالخجل من دموعي”. هنا يكتمل الصدق الذي يقدمه سرد هذا الفيلم، فبالرغم من المعاناة الشخصية، فهو يخرج في سياق يجمع بين خصوصية التجربة الفلسطينية وشمولية التجربة الإنسانية.

أحد الجوانب التي ساعدت في خروج الفيلم بهذا الشكل الصادق هو أن زوج صابرين، راشد راشد، هو من قام بتصويره، مما يضيف بُعدًا إنسانيًا حول أهمية الدعم والشراكة خلال الحمل، ويضع الفيلم ضمن أحد التجارب السينمائية التي تجمع بين التوثيق الشخصي والطابع التجريبي والواقعي. هذا التعاون بين الزوجين يخلق مساحة من الحميمية والصدق في السرد، تاركًا المشاهدين والمشاهدات للتأمل والشعور بكل ما كان يحدث.